منتدى الحميم الثقافي
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

د. سليمان جبران : قضايا خلافية في اللغة المعاصرة

2 مشترك

اذهب الى الأسفل

د. سليمان جبران : قضايا خلافية في اللغة المعاصرة Empty د. سليمان جبران : قضايا خلافية في اللغة المعاصرة

مُساهمة  المدير العام الأربعاء يناير 27, 2010 7:06 am

هناك ألفاظ "خلافية" كثيرة في لغتنا المعاصرة ، تُقرأ قراءتين، إلا أن السبب في إهمال إحدى القراءتين وتبنّي الأخرى ليس لأنها مشتركة بين المحكية والفصيحة، بل لأن الأولى شاعت مدة طويلة على الأقلام والألسنة، والثانية ابتكرها "الغيورون" ظنّاً منهم أنها أصحّ أو أفصح. يلفت النظر في هذا المجال أن معظم المتحدّثين باللغة المعيارية والعاملين في الصحف والإذاعات والتلفزيونات، محلية وفضائية، يؤثرون في الأغلب القراءة الغريبة المستحدثة على القراءة القديمة الشائعة. لماذا يتعبون أنفسهم في معرفة القراءة الصحيحة، يكفي أن إحدى القراءتين غريبة، غير ما ألفوه، ليظنّوا أنها الصحيحة، من باب أغرب تعجب! من هنا يجب، في "استطراد بديع" كما يقول الشدياق، أن يكون في كل مؤسسة كبيرة أو صغيرة، وخاصة في الصحف والإذاعات والتلفزيونات، "مستشار لغوي" يرجع إليه العاملون في المؤسسة لمعرفة الصواب من الخطأ. واذا تعذّر وجود "مستشار" فليكن في كل مؤسسة، على الأقلّ، موظّف ذو ثقافة لغويّة، يعرف كيف يفتح القواميس والمراجع اللغوية، وكيف يفكّر تفكيراً منطقيّا، ليساعد زملاءه في القراءة الصحيحة.
3.1 مُهمّة /مَهمّة
من الألفاظ الخلافيّة المذكورة مُهمّة / مَهمّة. الكلمة الأولى هي التي شاعت أوّلاً، وهي وإن كانت مشتقة من الهمّ إلا أنها تعني الواجب الذي يُلقى على عاتق المرء لتنفيذه task أو assignment ، ومن هنا التركيب مُهِمّة مستحيلة الذي انتقل الى اللغة المحكيّة أيضاً. لا تحمل هذه الكلمة في اللغة الكلاسيكية هذه الدلالة طبعا، فالمهم أو المهمّة هناك تعني الأمر الشديد أو العظيم، كما وردت في شعر دريد بن الصمّة:
قليل التشكّي للمُهمّات حافظ / من اليوم أعقاب الأحاديث في غدِ
ومن الهمّ بمعنى القلق والحزن تطوّرت الدلالة، فيما نظنّ، إلى معنى العزم على القيام بالأمر، فهمّ بالشيء تعني أراده وعزم على القيام به. ثمّ اكتسب هذا الأصل معنى القيمة الكبيرة أو الأهمية كما هي في لغتنا المعاصرة، ومن هنا فالهامّ / المهمّ تعني شخصاً أو أمراً له قيمة كبيرة، لأنه لا فرق في المعنى بين الفعلين: همّ / أهمّ.
ثمّ استحدثت اللغة المعاصرة كلمة مُهمّة، بمعنى الواجب أو العمل الهامّ الذي يجب تنفيذه، وعليه تكون مُهمّة اسماً للفاعل أو صفة تحوّلت إلى اسم ذات، تماماً مثل: مصيبة، نازلة، كارثة (ما أكثر اسماء المصائب في العربية!)
بعد شيوع المهمّة بضم الميم، ولا غبار على اشتقاقها ومعناها، فطن أحد "الغيورين" فيما يبدو أن مُهمة تعني أيضا ذات أهمية، فابتكر مَهمّة بفتح الميم، والوزن مصدر ميمي من الفعل همّ. هكذا نجد اليوم من يقرأ مهمّة بضم الميم، وهي قراءة أسبق وأسهل في رأينا، ومن يقرؤها بفتح الميم. بل وردت أيضا في قاموس ڤير، " قاموس العربية المكتوبة الحديثة " ، بالقراءتين: مهمّة بالفتح وجمعها مهامّ، وفسّرها: important matter, task, function ؛ ومهمّة بضم الميم وجمعها مهمات، فسّرها أيضا: important matter بالإضافة إلى معان أخرى في صيغة الجمع لا تتصّل بالسياق هنا. أما شاروني في " القاموس الجامع، عربي-عبري" ، فأورد مهمة بفتح الميم، وذكر أنها مصدر همّ وتعني: الأمر، و لا مهمة لي به: لا يعنيني، لا أفكّر فيه، واوردها بضم الميم ذاكراً أن جمعها مهمّات ومعناها : وظيفة، فرض، موضوع، رسالة، واجب.

3.2 مَتحف / مُتحف

هناك أيضا مَتْحف / مُتحف، تقرأ مرّة بفتح الميم وأخرى بضمّها. والقراءة بالفتح أيسر وشائعة على الألسن أيضاً، ولعلّ ذلك بالذات هو عيبها! وسواء قرأناها بالفتح أو بالضمّ فلا خلاف في أنّها اسم مكان، أي المكان الذي تجمع فيه التحف. ما هي الدعوى ،إذن، في ضمّ الميم لا فتحها؟ يرى "الغيورون" أن اسم المكان يجب اشتقاقه من الفعل (وفي النحو الكلاسيكي من مصدر الفعل إذا أردنا الدقّة)، وبما أن القاموس لا يورد الفعل المجرّد تحف بل أتحف، وزن أفعل، لذا يجب اشتقاق اسم المكان من أتحف فيكون مُتحفا بضم الميم لا فتحها! اسألوا هؤلاء السادة: هل اشتقّ من استحدثوا هذا اللفظ من الفعل أتحف حقا، أم من كلمة تحفة – اسم الذات؟ وهل من المفروض أن يكون الاشتقاق من الفعل / المصدر فقط ، ام هناك حالات يُشتقّ فيها من اسم الذات أيضا؟ هل الحجر، اسم الذات، مشتقّ من الفعل تحجّر ام الفعل مشتقّ من اسم الذات، وهل الفارس، اسم الفاعل، مشتق من الفعل فرس أم من الفرس؟ تحجّر مشتقّ من الحجر طبعا، والفارس مشتق من الفرس، حتى إذا وجد فعل من هذا الأصل. ومثل هذا الاشتقاق من اسم الذات كثير في اللغة، حتى إذا اعتبره "المحافطون على نقاء اللغة" خروجاً. وقد وجدنا المتحف في قاموس قير وقاموس شاروني بفتح الميم فعلا، أمّا المنجد فلم يرد فيه ذكر المتحف أصلاً !

3.3 المباشِر / المباشَر

هذه من الكلمات التي اختلفوا في قراءتها أيضا. بعضهم يقرؤها بكسر الشين، صيغة اسم الفاعل، وآخرون يفتحونها – صيغة اسم المفعول. القراءة الأولى ظلّت القراءة المألوفة حتى فطن "المدقّقون" أنّ هذا الاشتقاق "غير دقيق". ولماذا هو غير دقيق؟ عادوا إلى القاموس الكلاسيكي باحثين عن كلمة حديثة أو عن أصلها في نظرهم، فلم يجدوا سوى الفعل باشر. ففي المنجد مثلا: باشر الأمر، أو المجرّد بَشره: اهتمّ به، وتولاّه بنفسه، وباشر المرأة: دخل عليها! واضح إذن أن اللفظ مباشر لفظ جديد استحدثته اللغة المعاصرة بمعنى direct في الانجليزية، وهكذا شاع، بهذا المعنى وبالكسر أيضا. ألم نتعلّم في طفولتنا، قبل سنوات كثيرة، عن الأسباب المباشرة وغير المباشرة في التاريخ، وبالكسر طبعا؟ ما زلت أذكر أن أوّل من ابتكر المباشر بفتح الشين كان الإذاعة اللبنانية حين استحدثوا لأوّل مرة البثّ المباشر، وكان هذا النوع جديداً على العالم العربي آنذاك، فرأوا أن يقرءوا المباشر بفتح الشين للأسباب التي اوردناها آنفا، في أغلب الظنّ، ليكون اللفظ بمعنى المبدوء!. وبأذني سمعت بعض المذيعين يقرؤها مرّة بكسر الشين ومرة بفتحها بحيث لا يعترض عليه هؤلاء ولا أولئك! إقرأها بكسر الشين على مسؤوليتي يا أخي، ودع المتحذلقين يتحذلقون والمدقّقين يدقّقون، فما في هذه القراءة من خطأ، وإن كابر "الغيورون"!

3.4 الأساسيّ / الأساس

من"الأساليب الحديثة" أيضاً استخدام الأساس صفة، فما أكثر ما تسمعهم يكتبون ويقرءون: السبب الأساس، ولا أدري من أين جاؤوا بهذه التقليعة! الأساس والأَسَس والجمع أُسُس: أصل البناء (المنجد)، وهي بالطبع اسم ذات لا صفة، فاذا شئنا صياغة صفة عمدنا إلى اسم النسب – أساسيّ، تماما مثل: جبل – جبليّ، سهل – سهليّ، جذر - جذريّ. بل إن اللفظين، أساس/أساسي، نجدهما في الإنجليزية والعبريّة أيضا، بنفس الاستعمال والصيغة . فلماذا يتجنبّون السبب الأساسيّ ويؤثرون السب الأساس؟ اسألوهم. يضاف هنا أن اسم الذات قد يستخدم أحيانا في الأساليب الشعرية استخدام الصفة، فيكون خروجاً عن القاعدة والمألوف، وهو ما يرمي إليه الأسلوب الشعري غالباً، كقولنا: قلبُ حديد / حجر. إلا أن الأسلوب المعياري المألوف هو: قلبٌ حديديّ / حجريّ، ما في ذلك شكّ. الرئيسيّ أيضا من الألفاظ التي أعادوا النظر فيها، محاولين تصحيحها، وهكذا نسمع كثيرين يقولون: السبب الرئيس والدعوى الرئيسة. إلا أن ذلك يمكن تخريجه وقبوله أيضا. فاذا كان الرئيس مشتقاً من الرأس فاغلب الظن أنّه كان في أوّل الأمر صفة ثمّ تذوّت، أي تحوّل في دلالته إلى اسم ذات، مثل شاعر وأديب، وأصبح معناه زعيم القوم أو قائدهم، وبهذه الدلالة شاع فعلا، ولذا اشتقوا منه اسم النسب: رئيسيّ. التخريج المذكور مقبول ومنطقي، فلا ضير إذن في استخدام الرئيس صفة، كما ورد في قصيدة للشريف الرضيّ فعلا:
يتنكّب اللحمَ الذليل ويطلب العضوَ الرئيسا
على كل حال، كلّ من يستخدم الرئيس صفة يتجاهل الرئيس اسما للذات، فيُغضب كلّ رئيس ونائب رئيس، "وذنبه على جنبه"!

3.5 التقييم / التقويم

هذا أيضا لفظ خلافيّ، شاع أوّل الأمر بالياء، كما في القراءة الأولى، ومعناه ذكر قيمة الشيء وقدره – evaluation بالانجليزية. يكثر استخدام هذا المصطلح في السياق التعليمي والتربوي، إلا أنه، مثل كل مصطلح آخر، يمكن الانتقال به إلى السياق العامّ أيضا. في رأينا أن القراءة الأولى، بالياء، هي القراءة التي شاعت، حتى فطن " الغيورون" إلى هذا الاستحداث فاعتبروه من "الممنوعات"، وفضّلوا عليه الشكل الثاني – التقويم. لماذا؟ لأنهم عادوا كعادتهم إلى المراجع فوجدوا أن الأصل واوي (ق و م)، ولذا اعتبروا التقويم أصحّ وأفضل من التقييم، ما داموا قائمين على نقاء اللغة وحمايتها. لكنّ التقويم، كما هو معروف، له معان كثيرة أخرى: تقويم الاعوجاج، التقويم الشمسي والقمري، تقويم البلدان، فلماذا نثقل هذه الكلمة بدلالة أخرى جديدة؟ لا يهمّ، ما دام الأصل واوياً، هذا هو رأي "الغيورين" . لا بأس في إضافة دلالة أخرى للحفاظ على نقاء اللغة وسلامتها! ثمّ إن اشتقاق التقييم من القيمة أو القيّم لا يسيء إلى اللغة، ولا خروج فيه عن قواعدها وأصولها، فمن أعراف اللغة الاشتقاقية، مثل العربية والعبريّة، ما يسمّى الصياغة الثانويّة (secondary derivation أو back formation)، وذلك يعني صياغة كلمة جديدة من كلمة أخرى، باعتماد حروف غير الحروف الأصلية، لتحمل دلالة جديدة تختلف قليلا أو كثيراّ عن الأصل. مثال ذلك في اللغة الكلاسيكية: وقى > اتّقى > تقوى / تقيّ. فالتاء في تقوى / تقيّ عوملت معاملة حرف أصليّ رغم أنها حرف زائد. كذلك تاجر، تجارة تطوّرت في رأي علماء اللغة بالطريقة ذاتها: أجر > اتّجر > تجارة / تاجر. وفي اللغة الحديثة حين نقول تمركز وتمحور، وغيرها كثير، فإنما هي أيضا صياغة ثانوية لا تخالف العرف اللغوي، كما رأينا، وتسهم في تطوير المعجم.
كذلك تقييم لا تخالف العرف اللغوي، وتسهم في تطوير المعجم الحديث، وتخفف في الوقت ذاته عن تقويم دلالة جديدة تنضاف إلى دلالاتها الأخرى. لكلّ هذا يجدر بنا، في رأيي، استخدام تقييم بالذات، متحمّلين غضب "الغيورين" علينا.

3.6 السبعينات / السبعينيّات

هذا اللفظ من مستحدثات اللغة المعاصرة، لذلك لا نجده طبعاً في المراجع الكلاسيكية، ولم نجده أيضا في قاموس ڤير. أمّا قاموس شاروني ، وهو من أفضل وأوسع القواميس للغة العربية الحديثة، فقد أورد السبعينات وفسّرها: سنوات السبعين. بالإضافة وجدنا في القاموسين المذكورين الترجمة السبعينيّة، وهي أوّل ترجمة للتوراة إلى اليونانية في القرن الثالث قبل الميلاد، وسمّيت بهذا الاسم لأن الروايات تذكر أنها ترجمت بجهود سبعين عالماً يهودياً، وفي الإنجليزية Septuagint، ويترجمها قاموس المورد – سبعونيّة.
واضح إذن أن اللفظ مستحدث، وأغلب الظنّ أنه استحدث بتأثير اللغة الإنجليزية: seventy > seventies،(وتكتب أيضاً : 70s )، فأعملوا القياس واستحدثوا السبعينات جمعا للسبعين في العربية ايضاً . إلاّ أن كثيرين يصرّون على استخدام السبعينيّات، بياء النسب قبل الجمع، لا أدري لماذا. سألت أحد الأصدقاء لماذا يصرّ على إضافة ياء النسب، والكلمة بدونها أسهل لفظا وأكثر منطقية، كما شرحنا أعلاه، فقال إنه هكذا قرأها عند أحد الكتّاب المصريين! ليس الكاتب المصري المذكور "قرآنا كريما" يجب اتّباعه، بل يجب اتّباع المنطق والتيسير معاً، خصوصاً أن "سبعينية" لا تستخدم في وصف إحدى السنوات المذكورة.
هناك أيضا من يكتب سنوات السبعينات، بل يستخدمون أيضا عقد الخمسينات. فقد قرأت في صحيفة الحياة مقالاً لفخري صالح، في 23-3-2005، ورد فيه: "... غطّت عقدي الخمسينات والستينات وجزءاً لا بأس به من السبعينات من القرن الماضي". هناك طبعاً عدم دقّة في استخدام سنوات السبعينات أو عقد السبعينات. فالسبعينات تعني سنوات السبعين، ولا حاجة إلى دلالة السنين مرتين، ثمّ إن العقد السابع يختلف، إذا توخّينا الدقّة، عن السبعينات أو سنوات السبعين . فالسبعينات، أو سنوات السبعين، هي السنوات 70-79، أما العقد السابع فهو طبعاً السنوات 61-70، ذلك أن السنة العاشرة يجب إحصاؤها في العقد السابق لا التالي لها. وهو "خطأ" أخذ به العالم كله، كما تذكرون، حينما أعتبروا سنة 2000، "احتفاء" بالأصفار الثلاثة ورغبة في الاحتفال أيضاً، بداية الألفية الثالثة أو القرن الواحد والعشرين، بينما هي تنتمي في الواقع الى القرن العشرين والألفية الثانية! باختصار يجدر بنا القول: سنوات السبعين، السبعينات، العَقد السابع (السنوات61-70).

3.7 في عام 1950 / في العام 1950

يلاحظ في السنوات الأخيرة غلبة القراءة الثانية على أساليب الصحافة والأدب، بحيث يمكن أن يخيّل للقارئ أنها أصح من القراءة الأولى . كأنما القراءة الأولى، في عام 1950، التي كانت الوحيدة خلال عشرات السنين السابقة، هي قراءة غير صحيحة! لماذا في العام 1950 وليس عام / في عام 1950؟ لا أحد يفسّر أو يبرّر. لعلها ترجمة عن اللغات الأجنبية؟ على كل حال هي في رأينا تقليعة أخرى شاعت في الصحف والمجلات، ثم في النصوص الأدبية، دونما مبرّر منطقي، أو من باب أغرب تعجب، خصوصاً في نظر من لا يملكون الثقفة بأنفسهم في القضايا اللغوية، فيسارعون إلى تقبّل كل تقليعة جديدة، ظناً منهم أنها تصحيح لما سبق. ولماذا يكتبون في العام 1950، ولا يكتبون في السنة 1950، ولا فرق بين السنة والعام في السياق النحوي على الأقلّ؟ لا أحد يعرف فيفسر لنا !
في رأينا ان قراءة العام معرّفاً تكون حين يتلوها عدد ترتيبي، أمّا إذا كان العدد أصليّا فالأفضل أن تقرأ العام أو السنة نكرة مسبوقة بالحرف في أو دونه. بذلك تكون أمام من يرغب في قراءة سنة 25 مثلا الخيارات التالية:
1- .... سنةَ / في سنةِ خمس وعشرين.
2- .... عامَ / في عام خمسة وعشرين.
3- .... في السنة الخامسة والعشرين.
4- .... في العام الخامس والعشرين.

فمن منا يقرأ العدد 1950 عدداً ترتيبياً ليعرّف العام قبلها بالألف واللام؟ ثمّ إن القراءة الأولى، عام 1950، أسهل ويقبلها الذوق، وتلائم المنطق النحوي العامّي، وهي القراءة المتبعة دائما في كتب التاريخ الكلاسيكية: في سنة أربع وعشرين، في سنة ثلاث مئة وعشرين. راجعوا كتب الطبري والمسعودي في التاريخ، وهو تاريخ كرونولوجي يتناول ما حدث في كل سنة من أحداث في فصل واحد، تجدوا أنها مكتوبة وفقا للقراءة الأولى، دونما تعريف بالألف واللام .
للإنصاف نضيف أخيراً أنه يمكن، نظريا أو في سياق خاص، أن نكتب العام معرفة، كأنما العدد بعدها بدل منها، إلاّ أنّها قراءة غير عادية تختلف في معناها عن التراكيب المألوفة من هذا النوع، وهذا هو، ربما، سبب تبنّي البعض لها، من باب أغرب تعجب، كما أسلفنا.
ملاحظة أخيرة: يبدو أن قراءة العدد والمعدود في العربية ليس بالمهمة السهلة، ألم نقرأ في كثير من المسلسلات العربية، مرة بعد أخرى: الحلقة الخامسة عشر، الحلقة السادسة عشر ... حتى نهاية المسلسل، دون أن يفطن أحد القائمين على اللغة في المسلسل لهذا الخطأ الفاضح؟!

3.8 إلتقيت به / إلتقيته

من "الأساليب الحديثة" اليوم أيضاً تعدية الفعل التقى مباشرة، دونما حرف جر. فما أكثر ما نسمع: التقى الرئيس الأميركي الرئيس الفرنسي، التقى المعلم تلاميذه، وهكذا. قد يخطئ المذيع، أو مُعدّ النشرة ، مثلاً، في أمور نحوية كثيرة، إلا أنك تجده دائما حريصاً على تعديه الفعل التقى مباشرة ونصب مفعوله أيضاً، لئلا يقع في "التجربة"! فهل يجب علينا أن نقول التقيته ولا يجوز أن نقول التقيت به؟
قبل النظر في المراجع القديمة، وجدنا الأستاذ طلال علامة يعرض لهذه المسألة في كتابه صناعة الكتابة وفنّ التعبير، (بيروت، 1955، ص118)، فيؤكد أن الفعل التقى فعل متعد، ولا يجوز أن نقول التقى به لأنه يتعدّى بنفسه، بل يُحيل القارئ أيضا إلى لسان العرب ج15، ص253، مادة لقي.
انتقلنا إلى النظر في القواميس، فالفعل التقى ليس اشتقاقاً جديداً بالطبع، فوجدنا في المنجد: "التقى الشيء: لقيه، التقى القوم: لقي بعضهم بعضا، تلاقى القوم: التقوا". لم يذكر المنجد، كما نرى، أنه يجب تعدية التقى دائما، بل حينما نلتقي شيئا أي نجده، وهنا بالطبع لا يمكن القول: التقيت بكتاب، مثلا، لأنّ العمل لا مشاركة فيه. ثم يذكر المنجد أنّ التقى بمعنى تلاقى في المثال: تلاقى القوم: التقوا. نظرنا في ڤير فرأيناه يذكر المعنى ، ثم يضيف بين قوسين (s.o. ب) أي أنه يتعدّى بالباء حين يكون اللقاء مع إنسان، كقولنا: التقيت بسعيد. وفي لسان العرب، مادة لقي، ورد أن التقوا وتلاقوا بمعنى، ثم فسّر بعد ذلك ملتقى أَكفّنا التي وردت في الحديث، قائلا: وملتقى أكفّنا أي أيدينا تلتقي مع يده وتجتمع.
في القرأن الكريم أيضا ورد الفعل التقى في ثلاث آيات، تكرّرت فيها الجملة: التقى الجمعان، ثم ورد الفعل في السياقات التالية: "...فالتقى الماء على أمر قد قدر، ... في فئتين التقتا، ... إذا التقيتم، ... مرجَ البحرين يلتقيان". وهكذا نرى أن الفعل في القرآن لم يُستخدم إلا لازماً مفيداً المشاركة كما في التقى الجمعان.
إذا قلنا التقى الجمعان، فهل يمكن أن نقول، بناء على ذلك، التقى الجمع جمعاً؟ ثم إن الفعل التقى كما ورد أعلاه بمعنى تلاقى، فكلاهما إذن لازم ويفيد المشاركة. كذلك يمكننا التمثيل بفعل قريب من التقى معنى ومبنى. نقول: جمع المعلم تلاميذه، واجتمع بتلاميذه ، فهل يمكننا القول اجتمع المعلم تلاميذه ؟ جمع = لقيَ، اجتمع = التقى.
وفي الشعر نقرأ مثلا لأحمد شوقي:
وما هو إلاّ العين بالعين تلتقي / وإن نوّعوا أسبابه والدواعيا
ولحافظ إبراهيم:
فكم يراع حكيم في مشارعه / قد التقى بيراع الكاتب الأربِ
ولابن حمديس:
ولمّا التقى بالروم طارت قلوبهم / كأن لم تكن اوكارهن الحيازما
نخلص إلى القول إن التقى فعل لازم، مطاوع لقي المتعدي، مثل الفعلين جمع واجتمع،معنى وحكما. لدينا إذن، في استخدام التقى، أكثر من خيار:
1 – التقى الرجلانِ.
2 – التقى زيدٌ وعمرٌو.
3 – التقى زيدٌ بعمرٍو.

أمّا الخيار الرابع التقى زيدٌ عمراً فهو مبنى يجافي المنطق اللغوي المفصّل آنفا، بل يجافي الاذن في رأيي، وتفسيره القسريّ هو النصب بما يسمى إسقاط العامل، كما في قول الحطيئة: تفرّد في شعب عجوزاً (بدلاً من بعجوز)، وغالباً ما ينصب الفعل التقى مفعولاً إذا كان مفعوله "شيئا" كما ذكر المنجد.
3.9 الأرقام العربيّة والهنديّة
قبل بضع سنوات كنت عضوا في اللجنة الموجّهة لتعليم الرياضيات في المدارس الابتدائية. في هذا الإطار كان لا بدّ من طرح السؤال الشائك: أيّ ارقام نعلّمها للصغار، الارقام العربية: 1، 2، 3، 4، 5، 6،7، 8، 9، 0 ؛ أم الأرقام الهندية: ١، ٢، ٣، ٤، ٥، ٦، ٧، ٨، ٩، ٠ ؟ اقترحت أنا، معلّم العربية، أن نعلّم الارقام العربية مباشرة وأوضحت موقفي:
الأرقام العربيّة تستخدم اليوم في كل أنحاء العالم، وبدخول الحاسوب إلى جميع المعاهد والمؤسسات والمكاتب، ومعظم البيوت أيضاً ، طغت الأرقام العربية تماماً.
الصغار، مهما كانت سنّهم، يجدون في الأرقام العربيّة الألفة والودّ، إذ يتعرّفون عليها قبل المدرسة في المستندات الرسمية مثل أرقام البيوت، أرقام السيّارات، أرقام لاعبي كرة القدم وكرة السلة، وأخيرا في الحاسوب الذي غدا في أوساط كثيرة لعبة الأطفال المفضّلة.
في الأرقام الهنديّة يشكّل الصفر "عقب أخيل" فعلا. يكفي أن "تقضي ذبابة حاجتها" على الكتاب أو الدفتر لينضاف صفر إلى العدد! ثم إن الأرقام العربية تستعمل فيها فاصلتان: النقطة لتفصل بين الصحيح والكسر: 5.25، والفاصلة العادية لتفصل كل ثلاث منازل على حدة: 4,523. وهكذا فإننا باستخدام الأرقام الهنديّة نخسر نوعاً من نوعي الفاصلة. والأرقام العربيّة أخيراً تُنسب إلينا، لأننا نحن من نقلها الى أوروبا، فكانت بديلا للأرقام الرومانية، فلماذا "نتبرأ" من هذه المأثرة الحضارية التي ينسبها إلينا الآخرون؟
تعجبون إذا عرفتم أن المعترض الأساسي كان رياضيّاً عربياً بالذات، ادّعى أن المحافظة على الأرقام الهندية فيها من الحفاظ على التراث (أيّ تراث؟). وهكذا اتخذ القرار أخيراً بتعليم الصغار الأرقام الهندية في الصفين الأول والثاني، ثم الانتقال إلى الأرقام العربية اضطراراً، لأنّ التلاميد في هذه المرحلة يبدءون تعلم استخدام الحاسبة ايضا!
العالم كلّه يسميها الأرقام العربية، ويقرّ أيضاً بإسهام العرب في هذا المجال بابتكار الصفر الذي كان أساساً للمبنى العشري للعدد، ونحن العرب نتبرأ من هذه الأرقام "حفاظاً على التراث".
في كتاب بعنوان فنّ الكتابة الصحيحة، بقلم الدكتور محمد سليمان ياقوت (دار المعرفة الجامعية، 1995)، يعرض المؤلف لمسألة الأرقام هذه فيرى أنه "يستحسن الإبقاء على الأرقام الهندية التي عرّبها الزمان (نحو تسعة قرون)، ولن يضيرنا استعمال هذه الأرقام ما دام الغربيون لا يرون بأساً باستعمال أرقامنا العربية". وما الحجّة في الإبقاء على هذه الأرقام؟ لان "معظم المؤلفات القديمة والحديثة، وأدباء العالم العربي، والمستشرقين يستعملون الأرقام الهندية التي جعلتها مئات السنين تصبح عربيّة".
هكذا يريدون لنا أن نعيش ازدواجية رقمية بالإضافة إلى ازدواجياتنا الكثيرة، اللغوية وغير اللغوية! فهناك اليوم دول عربية انتقلت تماماً إلى الأرقام العربية، مثل العراق ودول شمال إفريقية، ودول أخرى ما زالت متشبتة بالأرقام الهندية متوهمين أنها تراث فعلا. حتى في الصحيفة ذاتها تجد رقم الصفحات أحيانا بالأرقام العربية والتواريخ بالارقام الهندية. وشاهدت في سنوات مضت أكثر من مرّة مباراة في كرة القدم المصرية، فرأيت الأرقام العربية كبيرة لامعة على ظهور اللاعبين، أمّا النتيجة التي ظهرت على الشاشة فكانت بقعة سوداء مقابل بقعة سوداء، أي صفر مقابل صفر.

عاشت الازدواجية!
قبل الانتهاء من مسألة الأرقام، هناك ثلاث ملاحظات يجدر بنا ذكرها هنا لصلتها بالأرقام والأعداد والرياضيّات:
الملاحظة الأولى هي عدم الدقّة في استعمالنا مصطلحي الرقم والعدد، وهو ما لا يجوز في دروس الرياضيات على الأقل. فالرقم في الرياضيات، وله في اللغة معان أخرى كثيرة، هو علامة كتابية تواضعنا عليها لقيمة حسابية 1, 2, 3 . ومن الأرقام يتشكّل العدد في مبنى عشري. فالعدد 503 يتألف من ثلاثة أرقام: 5 في منزلة المئات، 0 في منزلة العشرات وذلك يعني أنها منزلة خالية، 3 في منزلة الآحاد. إذن هناك رقْم (digit, numeral) ومن اجتماع الأرقام يتكوّن العدد (number). لكننا في العربية نحمّل الرقم دلالة أخرى حين نقول رقم الهوية، رقم السيارة، رقم البيت، بدلاً من عدد كما في الإنجليزية والعبريّة. فكيف يكون رقم البيت 25 وهو مكوَّن من رقمين: 5،2 ؟ لذلك اضطررنا في كتب الأطفال الصغار إلى تبنّي المصطلح الأجنبي نُمرة – نُمَر، في الإشارة إلى ارقام البيوت وما شابهها، منعاً للالتباس، وهذان المصطلحان، نمرة – نمر، شائعان في الحديث وفي معاجم اللغة الحديثة، فاستعملناهما خروجاً من المأزق المذكور في تعليم الصغار. إلا أنّ المشكلة تظل مشكلة!
الملاحظة الثانية هي العدد 100، ويكتب غالباً مِائة بزيادة الف تكتب ولا تقرأ، والجمع مئات ومئون (!) تسقط فيهما الألف كما نرى. والسؤال هو: لماذا الإبقاء على هذه الألف الثقيلة المتطفلة، ونحن نعلم أن الكتابة الثانية مِئة جائزة أيضا، وقد وردت في المراجع القديمة. هل هو "الحفاظ على التراث" مرّة أخرى، أم الرغبة في تخطئة العباد؟ باذنيّ هاتين سمعت المذيعين في القاهرة غير مرّة يقولون: سنة الف وتسعماية بلفظ الالف ومدّها، بل إن أحد الشعراء وقع أيضا في هذا الخطأ بلفظ الألف، وذلك ما يكشفه الوزن في الشعر، كما تعلمون . المفرد مِئة والجمع مِئات، ومضاعفاتها: مئتان/ مئتين، ثلاث مئات، أربع مئات، خمس مئات....، دونما توصيل اللفظين أو حذف أحد حروفهما أيضا، وكفى الله المؤمنين شرّ الأخطاء الإملائية والقرائية !
ذكرنا آنفا أن الأرقام العربية تمكننا من استخدام فاصلتين واحدة بين الصحيح والكسر العشري: 4.5، والأخرى بعد كل ثلاثة أرقام تسهيلا للقراءة وتوضيحا للمنازل: 642,015. ويلاحظ في الفترة الأخيرة أن كتاباً كثيرين، في مختلف المجالات، أخذوا يستخدمون في التبنيد (التقسيم إلى بنود وبنود ثانوية وبنود ثالثية الخ) المبنى العشري للأعداد في سبيل التخلّص من الأرقام ثم أحرف الهجاء، ثم الأرقام الخ. بعض هؤلاء الباحثين آثر الإبقاء على الأرقام الهندية، وبذلك استغنى مضطراً عن فاصلة الكسر، وعمد الى فاصلة المنازل، "حفاظا على التقاليد". ولكن معظمهم وقعوا في خطأ آخر حين جعلوا البند الأكبر إلى اليمين والبند الفرعي إلى الشمال، ظناً منهم أن هذا الترتيب محكوم بالاتجاه في القراءة العربية من اليمين إلى الشمال. وهو خطأ طبعا لأن العدد يقرأ من الشمال إلى اليمين والمنزلة اليسرى دائما أكبر قيمة من المنزلة التي تليها إلى اليمين. لتوضيح المسألة نورد مثالا، فما يبدو صعباً في التعريف النظري تذلّله الأمثلة عادة. إذا أردنا أن نكتب البند الفرعي الخامس من البند الثاني، نكتب بالأرقام العربية : 2.5، وبالأرقام الهندية : °,٢ لا العكس ، لأن البند الأكبر هو البند إلى اليسار، والفرعي يظهر إلى اليمين. على كل حال هي طريقة مريحة وتتسع لشتى أنواع التبنيد والتفريع، ومن هنا الإقبال عليها في الأبحاث العلمية الدقيقة.

3.10 كلَّ / كلُّ عام وأنتم بخير
ما أكثر ما نردّد هذا الدعاء / التحيّة، في لغتنا المحكية واللغة المعيارية، وفي الصحف أيضاً. مع ذلك كيف نقرؤها، أو كيف نشكل الآخر في كلمة كلّ، في الأساس؟ كلّ من ينتبه إلى المذيعين في الإذاعات والتلفزيونات يجد أن الكلمة تقرأ على وجهين: بعضهم يرفعها بالضمة، وآخرون ينصبونها بالفتحة، بينما ينشد بعضهم السلامة فيقرؤها بالتسكين تمشياً مع الحكمة القائلة: سكّنْ تسلم !
في كتاب الدكتور محمود ياقوت فنّ الكتابة الصحيحة، فصل كبير سمّاه "في الأخطاء الشائعة"، وفيه يعرض لهذه التحية الشائعة في الأعياد خاصّة. يعرب الجملة في البداية، على الطريقة التقليدية باعتبار كلّ مبتدأ مرفوعاً، فإذا سألتم أين الخبر، فخبره في رأي الاستاذ علامة محذوف والتقدير: كلُّ عام مقبلٌ. ثم يذكر أنه يجوز إعراب كل فاعلا لفعل محذوف تقديره: يقبل كلُّ عام، ويجيز أخيرا قراءة كلّ بالنصب باعتباره ظرفا لفعل محذوف تقديره: تحيون كل عام. يجوز إذن في رأيه قراءة كل بالرفع أو النصب، باعتباره مبتدأ أو فاعلا أو ظرفا، وكل إعراب وتقديره المناسب! نقرأ كل هذه المحذوفات والتقديرات، فنتذكّر الشدياق حين ذكر أن معلم النحو كان يقضي ساعة تامّة في شرح جملة غير تامّة ! الحذف والتقدير، حتى عند النحاة القدامى ، مفتعلان في الأغلب، يستعين بهما النحاة لتطبيق القواعد على النصّ قسراً، حتى ليخيّل لقارئ النصوص النحويّة أنّ اللغة كتبت كلّها بناء على قواعد النحو، وكل ما لا ينطبق عليها يجب فيه تقدير ما لا يظهر في النصّ أو اعتباره من الشواذّ في أحسن الأحوال.
نعود الى جملتنا، كل عام وأنتم بخير، لنكتشف بعد النظر الدقيق فيها أن مبناها مبنى محكيّ لا تحكمه قواعد سيبويه. فالجملة أصلاً هي تعبير محكيّ وافد على اللغة المعيارية، وإذا كان من المفروض تطبيق النحو الكلاسيكي على هذه العبارة، فلا بدّ من إعراب كل ظرفاً، دونما حذف أو تقدير، والجملة أنتم بخير هي الجملة الأساسية، هي العمدة، والواو رابط شكلي أو زائد، لأن المعنى في الجملة هو أننا نتمنى الخير، لمن نحييه بهذه التحيّة، في كل سنة جديدة. وعليه فلا فرق كبيراً في المعنى ببن التعبير المذكور وقولنا: أنتم بخير كلّ عام، سوى أن التعبير الأول يحمل معنى الدعاء، أي هو جملة إنشائية، والثاني بعد التغيير الذي أحدثناه فيه اصبح جملة خبرية طبعاً. وإلاّ فكيف يعرب لنا الاستاذ علامة هذه الجملة التي قرأتها في مقالة لكاتب معروف: "فمنذ نصف قرن ونحن ندخل معركة إثر معركة"؟ هل نعرب منذ فاعلاً لفعل محذوف أو مبتدأ خبره محذوف؟!
نخلص إلى القول إن كل عام وأنتم بخير جملة عاميّة المبنى، ونحوها عامّي، وفي لغتنا العامية كثيرا ما نستخدم مثل هذه المباني النحوية كقولنا: ساعتين وانا واقف، ومثلها كثير. لذلك يجب قراءة كلّ بالنصب بإعتبارها ظرف زمان. أقول هذا وفي ذهني مثالان من الشعر ورد فيهما الرفع بالذات لا النصب. المثال الأوّل من قصيدة فلسطينية لنزار قباني يقول فيها: عشرون عاماً وأنا أبحث عن أرض وعن هويّة، والأصحّ أن يقال عشرين عاماً ( وعلى هذا النحو غنتها أم كنثوم !). والمثال الثاني للجواهري لا غيره، يقول فيه: سبعون عاماً والكنانة تغتلي / والنيل يشخب والجموع تساءُ. والأصحّ أن يقال سبعين عاماً. أرأيتم أخيراً كيف تسلّل المبنى المحكيّ حتى إلى شعر الجواهري ؟!
( المقال أعلاه هو فصل من مقالة طويلة بعنوان: "على هامش التجديد والتقييد في اللغة العربية المعاصرة" ، نرجو أن تصدر قريبا في كتاب يتناول قضايا اللغة ).
* المقال منقول عن موقع مجمع اللغة العربية

المدير العام
Admin

عدد المساهمات : 65
تاريخ التسجيل : 25/01/2010

https://alhameem.yoo7.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

د. سليمان جبران : قضايا خلافية في اللغة المعاصرة Empty رد: د. سليمان جبران : قضايا خلافية في اللغة المعاصرة

مُساهمة  سامية !! الخميس فبراير 11, 2010 10:00 pm

المقال رائع جدًا ممتع ومفيد ،،وذو قيمة عالية !!..جدير بالقراءة وتدبر ما جاء فيه !!..باركَ الله فيمن كتبه ،،وفيمن قام بنقله ،، وجزاهما خير الجزاء !!

سامية !!
الاعضاء

عدد المساهمات : 11
تاريخ التسجيل : 11/02/2010

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى