صور من المعاناة الفسطينية

كفر الديك... بلدة فلسطينية تحتضر ويبتلعها غول الاستيطان ولا مغيث لها


بقلم عهود الخفش



لم يعد هناك مزيدا من المساحة لتتسع للوجود الفلسطيني في بلدة كفر الديك في محافظة سلفيت , فالتدمير الممنهج لبنيتها من مصادرة للأراضي واقتلاع لأشجار الزيتون , وبيوت مهددة بالهدم ما هو الا مخطط مبيت منظم لعنجهيه وخدعه الاحتلال في سلبه كل شيء , و فرض الواقع الذي رسمته ريشة مجردة من القيم الانسانيه , ودبلجة حقائق محتل مزيفه , والتي لونه بكل الوان طيف العذاب والقهر والألم , لتغرس في نفوسهم ان فلسطين محرمه عليهم والتاريخ نعيده عليكم تحت غطاء الحقد والعنصريه العمياء ... فالداخل الى بلدة كفر الديك يظن للوهله الاولى مدى اتساع مساحتها ولكنه لا يعرف ان اغلبيه هذه المساحة اصبحت محرمه عليهم .
حسرة أم و عذاب أب تناشد لوقف القرار
أخذ الحزن كما التعب يحتلان وجه ام الوليد زوجة محمود عبد اللطيف الديك والتي كانت مثقلة بهمها... وبدأت ترتسم عباراتها التي تمثلها الحسرة والألم , و بصوتها الخافت وبكلام متقطع بدأت ام الوليد تحدثنا فتقول " تعب كل هالسنين حيروح على الفاضي والبيت مهدد بالهدم حسب القرار الاسرائيلي الذي استلمناه عام 2009 بالرغم من عدم منعنا من انشاءه عام 2004 .
وتلتقط انفاسها الحيرى لتستكمل حديثها " مساحة بيتنا 240 م ومكون من طابقين كنا نخطط لبناء طابق ثالث من اجل تزويج ابنائي ولكن بعد قرار انذار الهدم وبالتالي منع التعمير توقفنا عن هذا التخطيط, وقمنا بتغيير تنظيم البيت من الداخل من اجل تأمين غرفتين ,لاحد الابناء واضطرار الاخر السكن بالاجرة , تنهدت ام الوليد وبدت عيناها وكأنهما تتأملان الصورة المستقبليه لعائلتها اذا تم تنفيذ القرار بهدم منزلهما متسائله بلهفه " وين حنروح لا نملك اراضي من اجل بناء غيره , متسائله واذا توفرت لنا ارض من وين حنوفر تكاليف البناء ونحن نعاني من الديون المتراكمة بسبب هذا المبنى " قالتها بالم ودمعه بقيت في عينها ابت ان تجد لها مسارا ...

وتتوقف" ام الوليد" للحظات عن مواصله حديثها لتستكمل فتقول" علاوة على ذلك انه يتم اقتحام المنزل من قبل جنود الاحتلال كل فترة ويتم خلال هذه العمليات حصر جميع افراد العائله في مكان واحد , او امرنا بالخروج من المنزل دون سبب وبهذا انقلبت حياتنا الى جحيم لا يطاق وتوتر وخوف وقلق نفسي متسائل لا يوجد اجابه ماذا سيكون مصيرنا ...؟ لذلك اناشد السلطة ومؤسسات حقوق الانسان التدخل من اجل وقف قرار الهدم ..

ويتابع محمود الديك " ابو الوليد " حديثه والذي يعمل موظف في السلطة الوطنيه ( عقيد في جهاز الشرطة الفلسطينيه ) والذي خرج من سجون الاحتلال خلال عمليه تبادل الاسرى الذي تمت عام" 1985" حيث كان محكوم عليه بالسجن "20"عاما , وبعدها تعرض لعدة اعتقالات خلال الانتفاضة الاولى من قبل جنود الاحتلال كما اخبرتنا زوجته ام الوليد , فيتابع حديثه قائلا " يتم متابعه قضيه قرار انذار هدم منزلي من خلال متابعتي مع مركز القدس للمساعدات القانونيه , ومن خلاله كانت المتابعه وتم رفض القضية من قبل المحكمة, ومن ثم تقديم استئناف وتم رفضه , وبعدها قمنا بتقديم مخطط تفصيلي من خلال المركز وتم رفضه , ويضيف" ابو الوليد" انه لا يريد ان يقف مكتوف الايدي وسيتقدم بطلب من المحامي بتقديم قضيه قرار هدم بيته الى محكمة العدل العليا .
القريه مهددة
انقبضت قسمات وجهه , ونطقت عيناه بالحزن عند محاورتنا معه عن بلدته كفر الديك فيقول : " كفر الديك مهددة " بهذه الكلمات بدأ جمال عبد الحميد الديك رئيس البلديه حديثه ليشرح لنا مدى معاناه اهلها ليكمل: " يحيط بالبلدة من الناحية الغربيه مستوطنه" علي زهاف وبيدوئيل وتم مصادرة معظم الاراضي الواقعه في هذه المنطقه , ومن الناحيه الشماليه الشرقيه مستوطنه "بروخين" وكلها اصبحت منطقه محرمه على اصحابها, وبالتالي منع الاهالي من الوصول الى اراضيهم ومزارعهم ومنعهم من جني ثمار محاصيلهم ومزارعهم , اضافه الى رش الاشجار بالمبيدات من اجل القضاء عليها وهذا ما اكدته مديريه الزراعه في سلفيت , اضافه الى قطعان الكلاب والخنازير التي يتم نشرها من قبل هذه المستوطنات , وخصوصا مستوطنه " علي زهاف" مما الحق خسائر فادحه في هذه المزارع جراء تلك الممارسات القمعيه الاحتلاليه , وحرمان الكثير من المزارعين من مصدر رزقهم , لذلك تقدمت بشكوى بخصوص هذه الاعتداءات الى الهيئه العامه للشؤون المدنيه والتي تلقيت ردا من خلالهم بتاريخ 22|1|2010 لمتابعه هذه الاعتداءات مع المزارعين التضررين من هذه الاعتداءات بحق الاشجار...
صمت الديك لثواني ليتنفس بتنهيده حيرى ليضيف قائلا " لم يقف الحال عند هذه الاعتداءات من هذه المستوطنات لتساعدها المستوطنات القريبه لها من خلال تسريب مجاري مستوطتني بركان وارائيل من خلال" واد شيلو " والذي يمر باراضي بروقين و كفر الديك وبالتالي تلويث مياه "نبعه الفوارة او العين " مما يسبب وسبب في امراض كثيرة للمواطنين نتيجة استخدامهم لهذه المياه بسبب تلوثها , فهذا هو الواقع المقيت الذي نعيشه.
ويستكمل جمال حديثه وسط اجواء من الحزن والقهر لما يحصل لبلدته فيقول " ان البلدة اليوم تعاني من مشاكل كثيرة واهمها مشكله المياه والتي نعاني من النقص الشديد فنحصل في اليوم الواحد على" 140 كوب" ل " 5500 مواطن" وهذا غير كاف , وهناك حارات لم يتم وصول المياه اليها وذلك نتيجة ضعف ضخها , مما اضطر الاهالي الى اعتمادهم على مياه الامطار وتخزينها في الابار , كذلك عدم وجود شبكة صرف صحي , وتعتبرمن اهم المشاكل التي تواجه المواطنين من جهة وذلك بسبب تسرب المياه العادمة الى الابار التي في المنازل مما تسبب الامراض, وتواجهنا نحن كبلدية من جهة اخرى لاننا لا نستطيع حل هذه المشكله الا من خلال بناء شبكة صرف صحي , لاننا اصبحنا لا نملك المساحة التي تتقلص يوم بعد يوم " منها اراضي مدارس ومساجد ومنشآت عامه واراضي وقف , وبالتالي ثلثي الاراضي اصبحت اي ما يقدر ب90% تم ضمها الى الاحتلال , وبالتالي اصبح حجم الهيكل المخططي لا يتناسب مع حجم السكان, متسائلا: ايحق للمحتل الغير شرعي اخذ مساحة اكثر من اهالي كفر الديك والتي عمرها اكثر من 600 عام ...؟
ويتابع جمال " حسب التوقعات انه خلال عشر سنوات لا يوجد مساحة للتوسع والبناء في البلدة بسبب استمرار الاحتلال في مصادرة اراضيها , علاوة على ذلك البيوت المهددة بالهدم حسب القرار العسكري بحجة ان هذه البيوت تقع في منطقه "c" والبالغه عددها "11" بيتا بالرغم عدم تلقينا اي بلاغ بان هذه المنطقه لا يجوز البناء فيها , ويكمل حديثه مستغربا " ان الاحتلال قام باعطاءنا ثلاث مخططات للمنطقه وكل مخطط يختلف عن الاخر من خلال التصوير الجوي بعد الحاحنا بالحصول عليه , لانه يريد ابتلاع المزيد من الاراضي بطريقته المخادعه.
مناشدة بلا مغيث

ويلتقط الديك انفاسه المحمله بهموم بلدته لتزيل عن كاهلها موجها نداءه ومناشدته للجميع وخصوصا المسؤولين ورفع معاناتنا للمجتمع الدولي و عدم تجاهل هذه البلدة واعطاءها بعض الاهتمام الجدي ومساعدتنا في الضغط على اسرائيل في وقف قرار الانذار بهدم 11 بيتا لان هدم هذه البيوت اذا نفذ ليس خسارة لاهلها فقط وانما لكفر الديك اجمالا.. والتي اصبحت عرضه لانتهاكات احتلاليه منظمة . كذلك مساعدتنا في الضغط على ازاله الحاجز ما بين الكفر ودير بلوط والذي بدوره ادى الى قطع الكثير من العلاقات بين البلدين
واضاف مطالبا " بتشكيل لجنة تكون تابعه للبلدية بشكل رئيسي تضم اعضاء من البلدية ومن وزاره الحكم المحلي ومن وزارة المالية ومن وزارة الزراعه ومن القضاء والتفرغ لحل المشاكل التي يعاني منها المواطنين وخصوصا المشاكل الاحتلاليه التي تهدد البلدة من كل النواحي سواء اكانت اقتصاديه بدعم المزارع وشق المزيد من الطرق الزراعيه وحفر ابار زراعيه من اجل تشجيع الاهالي وتقويه الروح والتي يترتب عليها تمسكه بارضه , كذلك الاهتمام بالمستوى الصحي وان يكون في البلدة مركز صحي والذي تم الموافقه عليه من قبل وزارة الصحة ولكن على ارض الواقع لم يطبق , وانهى الديك كلامه بطلب من المسؤولين مساعدتنا في بناء مجمع خدمات يظم كل المؤسسات .