منتدى الحميم الثقافي
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

قراءة في قصيدة : الأطلال ـ شعر : مصطفى ملح ـ بقلم : محمود مرعي

اذهب الى الأسفل

قراءة في قصيدة : الأطلال ـ شعر : مصطفى ملح ـ بقلم : محمود مرعي Empty قراءة في قصيدة : الأطلال ـ شعر : مصطفى ملح ـ بقلم : محمود مرعي

مُساهمة  محمود مرعي السبت يناير 30, 2010 8:17 am


لَقَدْ كُنْتُ مَنْشورَ الجنـاحِ بآمانـي = وقد صِرْتُ مَكْسورَ الجناحِ بأَشْجاني
أَلا لَيْثَ شِعْري كَيْفَ أَخْدَعُ مُهْجَتـي = بِفَجْرٍ عَريضٍ أَخْضَرِ اللَّـوْنِ فَتَّـانِ
مَضى زَمَنٌ لَمْ تَلْهُ فيـهِ جَوانِحـي = ولمْ تَبْتَسِمْ في عَتْمَةِ العُمْرِ عَيْنـانِ
وهذي اللَّيالي لَمْ تُضِئْهـا فَوانيـسُ = وَلمْ يَشْتعِلْ فـي غَيْمِهـا المُرِّ بَرْقانِ
وكُلُّ العَشِيَّاتِ التي انْطَفَأَتْ حَوْلـي = تَغَطَّتْ بِلَيْلٍ ناعِسِ الطَّرْفِ وَسْنـانِ
كَأَنّي بَقايا الوَشْمِ في مِعْصَمِ الدُّنْيـا = تُلَمِّعُهُ الحِنَّـاءُ فـي ثَـوْبِ كًَتَّـانِ
فَتىً ذَبُلَتْ أَزْهـارُهُ تَحْـتَ أَشْمُـسٍ = فَصارَتْ رَميماً في حَرائِقِ أَوْطـانِ
أَلَـمْ أَكُ قََلْبـاً للمَدينَـةِ خَفَّـاقـاً = أَلَمْ أَبْنِ عُشّي من دَمِ الغَسَقِ القاني؟
أَلَمْ تَـكُ أَنْفاسـي نَسيـمَ هوائِهـا = وأَنْفاسُها ثَـوْبُ المَحَبَّـةِ وارانـي
أَلَمْ يَكُـنِ المَـلاّحُ نَجْمـاً يُنيرُنـي = وَأَحْجارُهُ ذاتُ النَّمـارِقِ تَرْعانـي؟
كـأَنَّ خُيـولَ البُرْتُغـالِ صَهيلَهـا = يُغَطّي مَرايا الوَقْتِ بالحَجَرِ الفانـي؟
تَرَكْتُ لَكُمْ جَفْـنَ المَدينَـةِ مُبْتَـلاًّ = تَرَكْتُ النَّدى يَنْسابُ من ثَدْيِ تِحْنانِ
إِذا النَّفْسُ حَلَّتْ بالبِـلادِ فَإِنَّمـا = مُقامي قَصيرٌ وَالخَرائِـبُ عُنْوانـي
أَنا الكائنُ المَنْفِيُّ ما نَفْعُ أَشْعـاري = إِذا ما اللّيالي مَزَّقَتْ خَيْـطَ أَوْزانـي
وإِنّي وَحيـدٌ فـي الفَـلاةِ أَجُوبُهـا = بِلا خَيْمَـةٍ أَوْ نَخْلَـةٍ بَيْـنَ كُثْبـانِ
يُعاتِبُني مَنْ أَبْصَرَتْ عَيْنُـهُ دَمْعـي = ولَكِنَّني أَبْكي على تـاجِ سُلْطانـي
أَوَدُّ لَوِ الدَّمْعـاتُ أَحْبِسُهـا صَبْـراً = ًولَكِـنَّ ميـلادَ العَشِيّـاتِ أَبْكانـي


القراءة

لو طرحنا سؤالا حول هذه القصيدة ومعانيها ، هل هي أطلالك فقط ؟ ، والجواب حتما لا ، لأنها اطلالنا جميعا ، بل نحن الاطلال ذاتها ، في هذا الزمن الموبوء ، الذي اكتوينا بناره وصار فعلنا كله بكاء في بكاء ، لدرجة اننا احترنا على ماذا نبكي أولا؟ ، على تاريخ كان ومضى ؟، أم على عزة حالت الى ذلة ؟ ، أم على فردوس ضاع تلاه فردوس اخر ضاع ايضا ؟ على ماذا نبكي اولا ؟
وإِنّي وَحيـدٌ فـي الفَـلاةِ أَجُوبُهـا = بِلا خَيْمَـةٍ أَوْ نَخْلَـةٍ بَيْـنَ كُثْبـانِ
وكلنا مثلك يا اخي ، أصبح حاضرنا ينطق عنه بيتك ، لقد تهنا وضعنا بعد أن باعنا ولاة أمرنا عبيدا في اسواق النخاسة ، ولم يرقبوا فينا إلا ولا ذمة ، وكانوا أشد إيلاما من المستعمر الطارئ الدخيل ، والله ما زالت غصة في القلب تلك المشاهد للمحتل الامريكي وهو يركل أخي وأختي وأمي وأبي العراقيين في بغداد وسواها من مدن العراق، وآه وألف آه على بغداد ، وقبلها الاندلس ، وهناك القدس ، ولا يختلف فعل الجندي الاسرائيلي عن أخيه الامريكي ، فهما توأمان من أم واحدة ، لكن مهما قلنا فيهما ، فانهما عدو ، والعدو يطمح لكسر شوكة عدوه ، لكن ما بال حاكم مصر يسد مجرى الريح عن غزة ويخنقها أكثر من نتنياهو ؟.
لقد وصفت الحال أخي بأوجاعه وآلامه ، ولم تعد الحقيقة في الأماني والاحاسيس ، فكيف نخدع مهجنا بفجر عريض ؟:
أَلا لَيْتَ شِعْري كَيْفَ أَخْدَعُ مُهْجَتـي = بِفَجْرٍ عَريضٍ أَخْضَرِ اللَّـوْنِ فَتَّـانِ
لا يمكن الخداع فالواقع أقوى من الخداع ، وحتى لو حاولنا ، فانه سيصفعنا بشدة .
نأتي الان الى الاوزان في قصيدتك ، وهنا لا بد من وقفة ، فربما قصد وتعمد الشاعر هذا الفعل ليظهرها كأنها أطلال ، اعتراها الوهن نتيجة ما مر عليها لتتناسب مع واقع الحال الموصوف الذي غدا اطلالا . نقول ربما دون تأكيد ، فبحر الطويل له عروض واحدة مقبوضة دائما ( مَفاعِلُنْ) ، ولا تكون ( مَفاعيلُنْ ) إلا في حال التصريع ، وهناك مجزوء الطويل ، لكنه ينقص تفعيلة في عَروضه وضربه، وقد أثبتناه في كتابنا ( العَروض الزاخر واحتمالات الدوائر) ، ومما نظمنا عليه ، قصيدة للقدس وعلى لسانها ، مطلعها :
أنا القدس أهديكم سلامي ** أنا القدس في غِلِّ العَبيدِ
فعولن / مفاعيلن / فعولن ** فعولن / مفاعيلن / فعولن
وهذا الوزن هو الطويل الخامس لدى شيخنا ، الشيخ جلال الحنفي ، رحمه الله ، ومما اورده عليه من الشعر :
ستندم من بعد ارتحال ** اذا انت لم ترحل بزاد
فعولن / مفاعيلن / فعولن ** فعولن / مفاعيلن / فعولن
ولديه كثير غيره ، ولدينا أيضا ، وقد نظم قديما على هذا الوزن .
نعود الى قصيدتك ، حيث نرى فيها خروجا عن الطويل ، وذلك لان قصيدتك من الطويل ( عروض مقبوضة وضرب صحيح ) ، وقلنا ان العَروض لا تأتي صحيحة الا في التصريع .
لَقَدْ كُنْتُ مَنْشورَ الجنـاحِ بآمانـي = وقد صِرْتُ مَكْسورَ الجناحِ بأَشْجاني
قولك ( بآماني) والأماني جمع أمنية ، والهمزة لا يستساغ مدها ، لأنها تشعرنا بنشاز معين ، وأراك استعملتها قياسا على (آلام وآمال ) ، كذلك ( منشور ، مكسور ) لو قلت : ( مقبوض ) مكان مكسور ، لتم الطباق هنا ، بين نشر الجناح وقبضه ، وهو أقوى من مقابلة النشر بالكسر .
أَلا لَيْثَ شِعْري كَيْفَ أَخْدَعُ مُهْجَتـي = بِفَجْرٍ عَريضٍ أَخْضَرِ اللَّـوْنِ فَتَّـانِ
( ليثَ) صوابها ( ليتَ) ، ولعلها خطأ مطبعي.
مَضى زَمَنٌ لَمْ تَلْهُ فيـهِ جَوانِحـي = ولمْ تَبْتَسِمْ في عَتْمَةِ العُمْرِ عَيْنـانِ
عجز البيت معطوف على صدره ، لذا فان العينين هنا عيناكَ أنت ( جوانحي ، عيناي) ، وورودها بهذه الحالة جعل العينين نكرة ، أي انهما عينان فقط ، وكان حقهما أن تقول ( عيناي) .
وهذي اللَّيالي لَمْ تُضِئْهـا فَوانيـسُ = وَلمْ يَشْتعِلْ فـي غَيْمِهـا المُرِّ بَرْقانِ
عروض البيت كما هي ( فوانيس) تعتبر خللا ، ويجوز قصر الممدود في الشعر ( فوانسٌ) ، ( دراهم ودراهيم) . ثم قولك ( برقان) بصيغة التثنية ، أرى ان القافية الجأتك اليها ، وإلا فهو برق .
وهذي الْـ /لَيالي لَمْ / تُضِئْهـا / فَوانِسُ
فعولن / مفاعيلن / فعولن / مفاعلن
وكُلُّ العَشِيَّاتِ التي انْطَفَأَتْ حَوْلـي = تَغَطَّتْ بِلَيْلٍ ناعِسِ الطَّرْفِ وَسْنـانِ
هنا أيضا خالفت القاعدة ، ولو قلت ( التي نورها انطفا ) بتخفيف الهمزة في
( انطفأ) لجاء على الوجه الصحيح .
وكُلُّ الْـ / عَشِيَّاتِ الْـ / لَتي نو / رها انطفا
فعولن / مفاعيلن / فعولن / مفاعلن
كَأَنّي بَقايا الوَشْمِ في مِعْصَمِ الدُّنْيـا = تُلَمِّعُهُ الحِنَّـاءُ فـي ثَـوْبِ كِتَّـانِ
وهنا أيضا ، ولو قلت ( في معصم الدنى ) لاستقام أيضا .
كَأَنّي / بَقايا الوَشْـ /مِ في مِعْـ / صَمِ الدُّنى
فعولن / مفاعيلن / فعولن / مفاعلن
أَلَـمْ أَكُ قَلْبـاً للمَدينَـةِ خَفَّـاقـاً = أَلَمْ أَبْنِ عُشّي من دَمِ الغَسَقِ القاني؟
هنا أيضا ، ولو قلت ( قلبا للمدينة خافقا) لاستقام .
أَلَـمْ أَ/ كُ قَلْبـاً للْـ / مَدينَــ / ـةِ خافِقًا
فعولُ / مفاعيلن / فعولُ / مفاعلن
أَلَمْ تَـكُ أَنْفاسـي نَسيـمَ هوائِهـا = وأَنْفاسُها ثَـوْبُ المَحَبَّـةِ وارانـي
عجز البيت معطوف ، لذا فالصواب ( وأنفاسها ثَوْبَ)
أَلَمْ يَكُـنِ المَـلاّحُ نَجْمـاً يُنيرُنـي = وَأَحْجارُهُ ذاتُ النَّمـارِقِ تَرْعانـي؟
في المتعارف نقول ان القمر أو النجم ( ينير لي أو لنا )وليس ( ينيرني).
تَرَكْتُ لَكُمْ جَفْـنَ المَدينَـةِ مُبْتَـلاًّ = تَرَكْتُ النَّدى يَنْسابُ من ثَدْيِ تِحْنانِ
هنا أيضا خالفت القاعدة ، ولو قلت ( جفن المدينة دامعا) لاستقام.
تَرَكْتُ /لَكُمْ جَفْـنَ الْـ/ مَدينَــ/ـةِ دامِعًا
فعولُ / مفاعيلن / فعولُ / مفاعلن
أَنا الكائنُ المَنْفِيُّ ما نَفْعُ أَشْعـاري = إِذا ما اللّيالي مَزَّقَتْ خَيْـطَ أَوْزانـي
هنا أيضا خالفت القاعدة ، ولو قلت ( ما نفع شعرنا) لاستقام .
أَنا الكا/ ئنُ المَنْفِيْ/يُ ما نَفْـ/ عُ شِعْرِنا
فعولُنْ / مفاعيلن / فعولُنْ / مفاعلن
يُعاتِبُني مَنْ أَبْصَرَتْ عَيْنُـهُ دَمْعـي = ولَكِنَّني أَبْكي على تـاجِ سُلْطانـي
هنا أيضا خالفت القاعدة ولو قلت ( يعاتبني من قد رأى فيض أدمعي) مثلا لاستقام .
يعاتِـ/ بني من قد /رأى فيْـ /ضَ أدمعي
فعولُ / مفاعيلن / فعولُنْ / مفاعلن
ولكن عجز البيت يعيدنا بسرعة الى الامير عبد الله الصغير الذي بكى وهو يغادر غرناطة ، فقالت له أمه "لا تبك كالنساء على ملك لم تحفظه كالرجال" ، وهنا أرى أن حال الحكام العرب في هذا العصر لا يختلف عن ذاك الامير ، الذي لم يحفظ ملكه كالرجال فبكى عليه كالنساء ، وسيبكون كالنساء وكالأطفال حتما ما داموا على ما هم عليه .
أَوَدُّ لَوِ الدَّمْعـاتُ أَحْبِسُهـا صَبْـراً = ًولَكِـنَّ ميـلادَ العَشِيّـاتِ أَبْكانـي
هنا أيضا خالفت القاعدة ، ولو قلت ( أحبس صابرًا) لاستقام الحال .
أَوَدُّ / لَوِ الدَّمْعـا/ تُ أَحْبِـ/ سُ صابِراً
فعولُ / مفاعيلن / فعولُ / مفاعلن
ختاما : قصيدتك تحمل معاني تثير النفس وتستفز الروح على حال وواقع أصبح كالاطلال حقا ، ويجعلنا نردد مع ذلك الشاعر الذي وصف يومها حال المسلمين أيام ضياع الاندلس وما تعرضوا له فقال في ختام قصيدته:
لمثل هذا يذوب القلب من كمد ** إن كان في القلب اسلام وايمان
لم يعد الحقيقة في شعره ، وأنت أخي لم تعد الحقيقة في شعرك.
بوركت اخي .
رابط القصيدة
http://alfakhora.net/vb/showthread.php?p=43168#post43168

محمود مرعي
Admin

عدد المساهمات : 27
تاريخ التسجيل : 25/01/2010

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى